تعرّف على المجتمع العربيّ في حيفا: جولة لصحافيين ومدوّنين روس

بمبادرة مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب، وموقع “صوتنا”، نظمت جولة لمجموعة من الصحافيين والمدوّنين الناطقين باللغة الروسية في حيفا، بهدف التعرّف على المجتمع العربيّ بالمدينة عن كثب.

وخلال الجولة التي نظمها مركز مساواة، التقى الصحافيين والمدوّنين الناطقين بالروسية بمجموعة من الناشطين الاجتماعيين، الفنانين، ورجال الدين الفلسطينيين العرب من حيفا، والذين قدموا شرحًا وافيًا عن المجتمع العربي الحيفاويّ، والنسيج الاجتماعي الحيفاويّ عمومًا. علاوة على ذلك، التقى الصحافيون والمدوّنون مع عدد من أصحاب المناصب بالبلدية عربًا ويهودًا، واصغوا لشرح عن الوضع السياسي والاجتماعي في المدينة.

إنطلق اليوم مع محاضرة عن التاريخ المعماري لمدينة حيفا قدّمها رئيس قسم الحفاظ على المباني في البلدية سابقًا، وليد كركبي، والذي تحدث عن العلاقة الهامة بين الحيّز العام والحيّز البلديّ، والنسيخ الاجتماعي الفريد من نوعه بالمدينة.

بعدها إلتقت المجموعة بماريا جمال – داود، ناشطة اجتماعية من حيفا، أنشأت مع زوجها د. عصام داود مؤسسة دولية لمساعدة اللاجئين تنشط في كل أنحاء العالم. وأنشأت منظمة “هيومانتي كرو” الحائزة على عدة جوائز دولية، في أعقاب الأزمة السورية ولجوء ونزوح الملايين من السوريين، الذين لجأوا الى أوروبا. تنشط المنظمة على تقديم المساعدة النفسية – العاطفية لللاجئين. وتستجيب المنظمة في الوقت الراهن للاحتياجات العاطفية للاجئين الأوكران أيضًا، وتشغل متطوعين أجانب للرد على هذه الاحتياجات.

وقدّم مدير مركز مساواة – جعفر فرح كلمة ترحيبية، رحّب فيها بالمشاركين أجمعين، مؤكدًا على حق المواطنين العرب بالمشاركة في ادارة المدينة، وتطرق للتحديات التي تواجه المجتمع العربي الحيفاوي. كما تحدث فرح عن مجموعة من التشريعات العنصرية التي تمسّ بالنسيج الديمقراطي في دولة اسرائيل.

في القسم الثاني من الجولة المطولة التي نظمتها الصحافية إلينا شفيرن محررة النسخة الروسية لموقع “صوتنا”، تجوّل الصحافيون والمدوّنون الناطقون بالروسية في حي وادي النسناس بحيفا، في جولة بإرشاد الصحافي والناشط الاجتماعي ابن الحي – شاهين نصّار. خلال الجولة تلقى المشاركون لمحة عن تاريخ الحي الذي أنشأ في أواسط القرن التاسع عشر وتطوّر مع تطوّر مدينة حيفا، ليصبح بعد نكبة شعبنا الفلسطيني الحي المركزّي والمركز الاقتصادي، الثقافي، والسياسي للمواطنين العرب الفلسطينيين بالمدينة. وتطرق نصّار خلال الجولة الى تاريخ الحزب الشيوعي في اسرائيل عمومًا وقيادييه أبناء مدينة حيفا الذين أثروا على السياسة العامة في الدولة والمجتمع العربيّ في البلاد عمومًا. كما توقفت المجموعة خلال الجولة عند منزل “بابا نويل” في الوادي الذي صار معلمًا من معالم الحي ومهرجان عيد الأعياد الذي ينظم سنويًا بالحي في شهر كانون الأول/ ديسمبر.

خلال الجولة توقفنا للقاء مع الفنانة والمهندسة المعمارية سعاد نصر – مخول في “جاليري حيفا” بوادي النسناس. وتُعرض في الجاليري باقة من الأعمال الفنية وبازار للمنتجات وأعمال يدوية وتطريز لنساء فلسطينيات من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

فيما بعد التقى الصحافيين والمدوّنين بالفنان عبد عابدي في الجاليري خاصته بالحي. وسمع المشاركون شرحًا عن عبد الرحمن الحاج – رئيس بلدية حيفا السابق، ودار حوارًا مميزًا عن الفن الفلسطيني والعربي عمومًا.

كما وزار المشاركون خلال الجولة عدد من الكنائس والمساجد، بينها الكنيسة الارثوذكسية، والكنيسة المارونية، كنيسة السيدة وبيت النعمة – النُزل العربي الوحيد في البلاد للأسرى المحررين.

كما تضمنت الجولة لقاء ومحادثة مع الشيخ رشاد أبو الهيجاء – إمام مسجد الجرينة، المسجد الكبير في حيفا. وتطرق الحوار الى التحديات التي يواجهها المجتمع العربي في حيفا عمومًا، والمسملين خصوصًا. هذه المحادثة الشيقة طالت أيضًا مواضيع أخرى مهمة منها وضع جهاز التعليم الرسمي مقارنة بجهاز التعليم الخاص في حيفا، والنقص في الأطر التعليمية العربية الرسمية التي تخدم أبناء حيفا. وتطرقت المحادثة لأهمية الحفاظ على المباني التاريخية في وادي الصليب والبلد التحتى.

خلال الجولة تنقل الصحافيون والمدوّنون الناطقون بالروسية القادمون من كل أرجاء البلاد، في نواحي المدينة سيرًا على الأقدام وكذلك بالمواصلات العامة، بالتالي لمحوا جانبًا من منظومة المواصلات العامة في حيفا، وهي المدينة الوحيدة التي تعمل فيها المواصلات العامة يوم السبت أيضًا. فتنقل المشاركون بالمترونيت – الى القطار الهوائي القديم في حيفا، حيث التقوا بفاخر بيادسة – مدير القطار الهوائي في المدينة والذي ترشح مؤخرًا لمنصب مدير عام بلدية حيفا، وهو منصب لم يشغله أي عربيّ منذ العام 1948. وتطرق بيادسة في حديثه للمجموعة عن تاريخ القطار الهوائي في المدينة والذي افتتح عام 1984، وتحدث أيضًا عن الدور الذي يلعبه المواطنون العرب في المدينة بإدارة البلدية. يُشار الى أن عدد المواطنين العرب في حيفا يبلغ نحو 39 ألف مواطن، يشكلون زهاء 13% من سكان هذه المدينة الرائعة.

وبما أن حيفا هي مدينة البحر والجبل، فما كان بالامكان عدم صعود جبل الكرمل، وقد صعد المشاركون بالجولة بالقطار الهوائيّ الى أعلى جبل الكرمل لزيارة دير مار الياس والرهبان الكرمليين، حيث جلسوا لوجبة غداء مشتركة مع رئيسة مجلس التغيير في البلدية – ساريت جولان. وقد تحدثت ساريت عن القلاقل السياسية التي تمر بها بلدية حيفا، وتحديات ادارة المدينة اليوم، والعلاقات بين العرب واليهود في المدينة.

وفي ما بعد شارك مُدير مركز مساواة جعفر فرح بتلخيص الجولة، حيث عبّر المشاركون عن امتنانهم لتنظيم هذه الجولة الناجحة، مؤكدين أنهم سيزورون المدينة من جديد، وسيعرّفوا قراءهم بالمجتمع العربي الحيفاويّ وبمدينة حيفا.