حروب الغاز في المتوسط: القرش الذي لا يشبع

حذر ميقاتي في بيان لوسائل الاعلام من تداعيات هذه العملية، في ظل عدم وجود اتفاق إزاء ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.

لا تزال حروب الغاز في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بعيدة عن بلوغ مرحلة الشبع، وقد تجدد هذا الأسبوع من جديد على خلفية المحاولات الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز في “حقل القرش”، كما تطلق عليه شركة “انرجيان” صاحبة الامتياز للتنقيب والبحث عن الغاز في الحدود الإسرائيلية الشمالية.

التنقيب الواسع الذي أجرته الشركة في الحدود البحرية الإسرائيلية والاستعداد للبدء باستخراج الغاز الطبيعي من حقل الغاز المسمى “قرش”، تسببت بتوتر شديد بين إسرائيل ولبنان في السنوات الأخيرة، على خلفية محاولات أمريكية للوساطة.

هذا المورد الطبيعي الذي تلقى دفعة كبيرة في السنة الأخيرة أمسى نقطة الخلاف المركزية بين إسرائيل ولبنان ودفع الطرفين للتهديد بحرب شاملة، بين إسرائيل وحزب الله، في حين اتخذت الحكومة اللبنانية موقفًا أكثر دبلوماسية داعية لتجديد الجهود الدبلوماسية للتوصل الى اتفاق ولترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.

في الأسبوع الأخير وصلت منصة استخراج الغاز “قرش” الى موقعها في البحر وتسببت بتصعيد جديد بين الدولتين، حيث تطرق رئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي – للقضية وأكد أن إسرائيل تفتعل أزمة جديدة. بينما أعلنت إسرائيل عن استعدادها لهجوم جديد على منصة استخراج الغاز.

وقد حذر ميقاتي في بيان لوسائل الاعلام من تداعيات هذه العملية، في ظل عدم وجود اتفاق إزاء ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين. ودعا ميقاتي “الأمم المتحدة للسيطرة على الوضع ووقف العدو الإسرائيلي من استمرار استفزازاته”.

في المقابل، اعتبر الرئيس اللبناني ميشيل عون التصعيد في الحدود بين الدولتين مفتعل إسرائيليا وقال إن أي عملية أحادية الجانب في المنطقة المتنازع عليها يُعتبر عملية استفزازية وعدائية. وطالب الجيش اللبناني بأن يوفر له معطيات رسمية ودقيقة حول الحدث، كي يتخذ قرارًا.

يُذكر أن إسرائيل أجرت الأسبوع الماضي تدريبًا عسكريًا باسم “ما بعد الأفق”، لذلك فمن غير المستبعد أن الجيش الإسرائيلي يستعد لحرب جديدة في الشمال. تفرض إسرائيل وقائع ميدانيًا، في المنطقة المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان. دولة إسرائيل تعمل لترقية مصالح رؤوس الأموال في البلاد ليكسبوا من بيع الغاز الى الخارج، بينما لدى الجيران من لبنان يوجد نقص كبير بالطاقة، ومن شأن العمل على تطوير صناعة غاز طبيعي لدى الجيران من الشمال أن يساعد البلدين.

في التمرين العسكري تدربت القوات الإسرائيلية من الاحتياط وسلاح الجو والخدمة الاجبارية وكذلك البحرية الإسرائيلية، على استعدادها وجهوزيتها العسكرية. وقد امتدح الجنرالات الإسرائيليين القدرات وجهوزية القوات الإسرائيلية في قتال بمناطق شبيهة بالتضاريس والجغرافيا في جنوب لبنان. اذا ما أخذنا التصريحات الإسرائيلية على محمل الجد فإن الجيش يستعد لاجتياح عسكري الى جنوب لبنان اذا ما قام تنظيم حزب الله أو الجيش اللبناني بمهاجمة منصة الغاز الإسرائيلية، التي تقام اليوم في منطقة متنازع عليها.

يبدو أن الأزمة الإنسانية في لبنان والحرب بين أوكرانيا وروسيا، المستمرة منذ نحو 4 أشهر، قد دفعت المسؤولين الإسرائيليين لتحفيز انتاج واستخراج الغاز استعدادًا للشتاء المقبل، كي تتمكن إسرائيل وشريكاتها قبرص واليونان بالرد على الطلب القائم من أوروبا للغاز الطبيعي.

إسرائيل تتصرف بشكل أحادي الجانب لترقية اتفاقيات لانشاء أنبوب غاز بين إسرائيل وقبرص واليونان الى أوروبا، اتفاق تسبب بتوتر مع تركيا التي تسعى لدخول هذه الحلبة عبر المياه الإقليمية للجمهورية القبرصية (شمال قبرص والذي يعتبر حليفا لأنقرة). خلال التدريبات القبرصية – الإسرائيلية قبل سنتين، جرت مناورات للبحرية التركية في المياه البحرية القبرصية، ويتواصل التوتر بين الدولتين على هذه الخلفية.

في إسرائيل يتهمون حكومة لبنان بإفشال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية. بينما تطالب إسرائيل بإبقاء حقل “قرش” الذي لا زال لا يُعرف حجمه الكامل في المياه الإقليمية الإسرائيلية، أثار هذا الأمر غضب الجانب اللبناني الذي دعا الى عودة الوسيط الأمريكي عاموس هوخشطاين لأجل استحداث المفاوضات. ومن المتوقع بحسب الأنباء ان يعود للمنطقة في الأيام القريبة.

في لبنان لا تزال لا توجد حكومة فعالة، وجهود انشاء حكومة جديدة مستمرة بجد. لكن، يوجد توافق تام بين كافة الأطراف اللبنانيين حول المورد الطبيعي الغني الذي اكتشف بحدود البلاد، والذي بوسعه أن يحيي الاقتصاد اللبناني المتراجع والمتدهور، ويستطيع احياء جهودها في إعادة بناء ميناء بيورت. في السنوات الأخيرة وتحت قيادة وزير الطاقة السابق ووزير الخارجية جبران باسيل، وزعت لبنان تراخيص تنقيب عن الغاز الطبيعي لعدد من الشركات وليدة تعاون لبناني – فرنسي – قطري.

من جانبه، ذكر الأمين العام لحزب الله في خطاباته أهمية حماية الموارد الطبيعية اللبنانية. كشركاء لباسيل وللرئيس عون يعتبر حزب الله الغاز الطبيعي موردًا طبيعيًا هامًا الى حد كبير.

يُذكر أن آمال معسكر 8 آذار الموالي لعون ولحزب الله بتعزيز قواه باءت بالاحباط، ولكن رغم ذلك تم انتخاب الخصم الرئيسي لحزب الله نبيه بري رئيسًا للبرلمان لولاية جديدة. الآن يتوجب على البرلمان اللبناني انتخاب رئيس جديد، ويسعى الرئيس المنتهية ولايته ميشيل عون للظفر بولاية جديدة.

يُذكر أنه بين الأعوام 2019 – 2021 فقد الاقتصاد اللبناني قرابة 60% من قيمته. وهبط من نحو 52 مليار دولار الى نحو 22 مليار دولار.

يتحدث ساسة لبنانيون عن قرابة 122 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية اللبنانية، إضافة الى قرابة 1,7 مليار برميل نفط.

يصب الخلاف بين إسرائيل ولبنان والذي قد يؤول الى نزاع مسلح في حال استمرت الجهود الإسرائيلية لاستخراج الغاز من حقل “قرش”، في طريقة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. فبينما تفضل لبنان طريقة خط متواصل للحدود البرية، تفضل إسرائيل طريقة خط بزاوية 90 القريبة من الحدود البحرية. بالطبع أن كل طريقة تفضل الطرف الذي يؤيدها على حساب الطرف الآخر. بينما يدعو ميثاق الأمم المتحدة لحل النزاع البحري على أساس الانصاف. وحتى الآن باءت كافة الجهود التفاوضية بالفشل.

Conference
יום עיון בחיפה