
كواليس الانتخابات في حيفا
منذ أحداث يوم الغفران في عكا في العام 2008، اتضح أن المستوطنين قد استهدفوا المدن المختلطة كأحد مواقع الضعف في
أكد المحامي فاخر بيادسة، المرشح لمنصب مُدير عام بلدية حيفا في حديثه لموقع “صوتنا” أنه آن الأوان لرفع سقف توقعات المواطنين العرب في البلاد، مُشيرًا الى الحاجة بعدم الاكتفاء بالمناصب الصغيرة والترشح لأسمى المراتب في السلك العام.
يأتي حديث بيادسة في أعقاب ترشحه لمنصب مُدير عام بلدية حيفا، والأحداث التي تلت ترشحه، والعراقيل التي واجهها مع طرح اسمه كمرشح رئيسة البلدية عينات كاليش- روتيم. وفي وقت يحظى بيادسة بدعم كبير في المجتمع العربي الحيفاوي، يرى مراقبون أن المماطلة بالمصادقة على التعيين لم تأتِ من فراغ، بل من بسبب ضغوطات كثيرة على وزارة الداخلية كي تكيل العراقيل على تعيين عربي في منصب رفيع الى هذا الحد في ثالث كبرى المدن باسرائيل.
وكان قد أكد مركز مساواة في أعقاب سحب بيادسة ترشحه أن “وزارة الداخلية عملت من البداية ضد تعيين عربي كمُدير عام لبلدية حيفا، بعد أن تهرب مندوبي الوزارة أشهر طوال من حضور نقاشات لجنة تعيين المسؤولين، مثلوا أمام محكمة العمل اللوائية وعارضوا التعيين، وذلك بالرغم من أن مراقب الدولة طالبهم في حزيران/ يونيو 2022 للعمل على تمثيل لائق للمواطنين العرب في المناصب الرفيعة بالمُدن المختلطة. من المؤسف أنه تمت عرقة تعيين عربي في منصب رفيع بالحُكم المحليّ”.
اليوم لا يوجد عربيّ بمنصب رفيع المستوى في حيفا، رغم أن السكان العرب يشكلون نحو 12% من سكان حيفا، ويشكل العمال العرب نحو 16% من الموظفين في بلدية حيفا. الا أنه لا يوجد أي مواطن عربيّ بمنصب رفيع المستوى اليوم، خصوصًا بعدما اضطر جاكي واكيم – محاسب البلدية السابق للاستقالة، وتمت إقالة نائبة رئيسة البلدية شهيرة شلبي من منصبها، في أعقاب انقلاب المجلس البلدي.
بيادسة: عند ترشحي للبلدية قدمت كل الوثائق والمستندات بشفافية، ذكرت اخفاقاتي وانجازاتي على حدٍ سواء
في حديثه لموقع “صوتنا” يؤكد المحامي بيادسة أنه باشر باجراءات الترشيح في شهر أيار/ مايو المنصرم، ولكن الإجراءات لم تنتهِ بمرور 4 أشهر، قدمت للبلدية رسالة طرحت فيها كل الحقائق (كشف حقائق) وكتبت الأمور الإيجابية والسلبية، ذكرت اخفاقاتي وانجازاتي، يشمل ملف الإفلاس قبل أكثر من عشر سنين”.
وأضاف “مع بدء ارسال المكاتيب وطرح اعتراضات من اجسام وجمعيات وهيئات معيّنة، أرسلت بعض الاستفسارات من وزارة الداخلية، وفي غضون 3 اشهر أرسلت للوزارة وللجنة كافة التوضيحات وارفقت مئات المستندات. كل ما طُلب مني قدمته وأجبت على كافة المُساءَلات، وحتى أن القسم القضائي لبلدية حيفا أصدر 3 تقارير، تؤكد أن المُرشح يستوفي كافة الشروط الأساسية المطلوبة. فتمت دعوتيّ – أي المرشح – للمثول أمام لجنة التعيينات. وطرحت لجنة التعيينات جميع الأسئلة على المرشح وحصلت على كل الإجابات. عادة ما تستمر الجلسة نصف ساعة، بوضعي الخاص استمرت ساعتين لساعتين ونصف. وقد أعلن مندوب وزارة الداخلية أنه تلقى كافة الأجوبة لاستفسارات طلبتها الوزارة”.
بيادسة: القاضي لم يخض بالتفاصيل
ولكن هذا لم يمنع بعض الجهات كجمعية “محامون من أجل الإدارة السليمة” من الاعتراض والالتماس للمحكمة ضد التعيين. ولكن في جلسة محكمة العمل أعلن رئيسها القاضي بوعاز غولدبرغ أنه يتوجب على اللجنة النظر من جديد بملف ترشح بيادسة وتقديم شرح من قبل أعضائها لكيفية تصويتهم، كما هو متوقع من لجنة لتعيين المسؤولين رفيعي المستوى. علمًا أن اللجنة صادقت بالإجماع على تعيين بيادسة مُديرًا عامًا للبلدية بعد حصولها على وجهات نظر قضائية تدعم التعيين.
في هذا الصدد يؤكد بيادسة “القاضي لم يدخل بتفاصيل القضية ولم يبحث حيثياتها ولم يتطرق للقضية. قال إن قرار لجنة التعيينات لم يكن مفصلا، فلا يكفي أن يقول كل عضو من أعضاء اللجنة أنه موافق بل يجب أن يعلل سبب موافقته. هذه مماطلة لشهرين – ثلاثة إضافيين”.
ومعنى ذلك أن الأطراف باتت تطالب بمستندات إضافية، بطريقة تزيد العراقيل أمام هذا التعيين، فعلى سبيل المثال يذكر بيادسة أنهم طالبوا انماذج ووثائق مالية لمصالح تجارية كان يديرها قبل 27 سنة. يعتبرها بيادسة أنها “هذه أمور تعجيزية”!
ليس فقط أنها تعجيزية، بل إنها مماطلة بعدة أشهر إضافية وإبقاء منصب المُدير العام شاغرًا لـ3 أشهر إضافية على الأقل، الأمر الذي قد يكون ذو عواقب وخيمة على البلدية التي تعمل دون مُدير عام منذ نصف سنة.
في هذا السياق يؤكد بيادسة الذي يشغل منصب المُدير العام للقطار الهوائي – التلفريك في حيفا منذ سبع سنين، أن هناك مسؤوليات تجاه محل عمله الحاليّ، فلا يستطيع أن يواصل الإجراءات في ضبابية كهذه. “كشخص عنده التزامات تجاه المحل من 7 سنين، لا أستطيع أن أغامر وأن أبقيه بضبابية لعدة أشهر إضافية. الإحساس عندي هو أنه هناك محاولة لمعاقبة رئيسة البلدية بهذه المماطلة. لا يوجد أي أفق”.
وأشار الى أنه بما أن منصب المُدير العام هو منصب يحظى بثقة رئيسة البلدية فلا يستطيع أن يكون سببًا لمزيد من الضرر للبلدية “البلدية الآن معطلة ولا استطيع ان أكون سبب لأضر الانسانة التي أعطت ثقتها فيي. لن أكون عائق أمام نجاح البلدية أو أسبب ضرر لها. ولن أغامر بحياة واستقرار عائلتي، خاصة كشخص مرّ في السابق بظروف صعبة”.
بيادسة: هناك رائحة نتنة من المماطلة وتعجيز التعيين
عند سؤاله عن احتمال وجود دوافع عنصرية أو تمييزية كسبب بالمماطلة بالتعيين يقول “بدون شك”. ويستطرد قائلًا “شعوري الخاص، هو أنه طيلة المشوار كانت رائحة نتنة جدًا من قبل بعض الجهات. أكثر من ممثل لوزارة الداخلية رفض المشاركة بالجلسات. والوزارة ماطلت كثيرًا حتى أن بعض رؤساء البلديات الكبرى بالبلاد أقاموا مجموعات خاصة للضغط على الوزارة لمنع تعيين عربيّ بالمنصب”.
ووصف ما يحدث اليوم من مفاحصة ومساءَلة زائدة بـ”عملية تنقيب” وليس مجرد اجراء فحص عادي كما ينص القانون. بل يعتبره أنه “تنقيب بعدسات مكبرة للبحث عن عيوب صغيرة جدا لأجل أن تشكل كل العيوب عائقًا كبيرًا. شعرت أنه ما هو مسموح للآخرين مسموح ومغتفر، وعربي يُمنع منه”.
“يحق مثلًا للوزير أرييه درعي الذي وُصم بالعار أن يشغل منصب وزير الداخلية من جديد بسبب التقادم، لكن فاخر بيادسة مع لجنة الطاعة كانت ادانة قبل 13 سنة في نقابة المحامين. وكأن هذا الامر يمس أو يخدش ثقة الجمهور”، يقول بيادسة، ويشير الى أنه لا يجب أن يشكل حاجزًا أمام الترشح والتعيين.
ولا يُخفي بيادسة امتعاضه من الحملة الإعلامية ضده شخصيًا، بحيث كانت تُنشر الوثائق وتصل كافة الرسائل لجهات إعلامية قبل أن تصل حتى مكتب رئيسة البلدية أو المستشار القضائي للبلدية، بحيث نُشرت ملفات خاصة في الاعلام “وتم استعمالها بشكل منافي للاخلاقيات وللقانون. كان هدفه إهانة المرشح وتفعيل ضغط نفسي عليه. ضغط نفسي على المرشح وعلى عائلته بهدف احراجه أمام الجمهور، كي يظهر أنه ليس كفؤ أمام الجمهور”.
ويرى بيادسة أن هدف هذه الأيدي الخفية كان أن “تصل لمرحلة أن تنكسر. أو أن تشعر أنك محرج أمام كشف كل هذه الأمور. طريقة التعامل معي كانت نتنة جدًا جدًا”.
وأضاف “فاخر بيادسة لم يطلب تخفيضات بالشروط الأساسية أو شروط الحد الأدنى، ولكن طريقة التعامل والبحث وفحص الأمور أن تكون مُعاملة بالمثل. أن يعامل كافة المرشحين سواسية. حتى أن محاميي استغربوا كيف تطلب من انسان قسيمة راتب من قبل 25 سنة، هذا بحد ذاته يُعتبر تعجيزًا”.
كلمة أخيرة: آن الأوان أن يأخذ المجتمع العربي حقه بالتمثيل ورفع سقف التوقعات!
في كلمته الأخيرة يؤكد بيادسة “لم يصدر أي قرار بإلغاء التعيين ولا بتجميد التعيين. المحكمة لم تدخل بحيثيات القضية ولم تحدد أن المرشح لم يستوفِ الشروط الأساسية. نعم، قراري مؤسف وصعب جدًا، ولكن في ظل الأمور الحالية والتحديات التي تمر فيها بلدية حيفا، مع كل الألم هذا هو القرار الحكيم بهذه المرحلة”.
وتابع “أشكر رئيسة البلدية على موقفها باختيار مرشح عربي لقيادة بلدية حيفا، آن الأوان أن يأخذ المجتمع العربي حقه بالتمثيل ورفع سقف التوقعات، وأن نحطم السقف الزجاجي”.
ويؤكد “بل يجب رفع سقف توقعاتنا أكثر، لأنه يجب عدم تجاهل التمثيل العربي. رئيس البلدية يجب أن يعرف أنه يحق لنا أن يكون تمثيل مشرف، ان نشغل مناصب رفيعة في البلدية. لأنه يحق لنا ولأنه لدينا قدرات وطاقات تستطيع أن تدير بلاد وليس فقط بلديات”!
يبدو أن هذه القضية دفعت العديد من رؤساء البلديات العرب للتفكير بترقية تعيين مُدراء عامين عرب للبلديات والمجالس العربية.
يُذكر أنه قبل قيام دولة إسرائيل، أشغل مواطنون عرب فلسطينيون منصب مدير عام البلدية، التي كان غالبية سكانها من العرب الفلسطينيين قبل النكبة. منذ قيام دولة إسرائيل، لم يشغل أي مواطن عربي منصب رفيع المستوى الى هذا الحد. خلال فترة رئاسة يونا ياهف للبلدية أشغل المحاسب جاكي واكيم منصب محاسب البلدية، بينما في بداية الألفينيات، في عهد رئيس البلدية عمرام متسناع، أشغل د. حاتم خوري منصب نائب مدير عام البلدية.
يشغل المحامي فاخر بيادسة منصب المدير العام للقطار الهوائي في مدينة حيفا في السنوات الأخيرة، والناطق بلسان بلديّة حيفا للمجتمع العربيّ.
يُذكر أن بلدية حيفا عملت في الأشهر الأخيرة بدون مدير عام فعلي، بعد الإقالة المفاجئة للمدير العام السابق اوهاد سيجف. وقد جضّت الساحة السياسية الحيفاوية بعد الإقالة التي لا تزال لا تُعرف أسبابها.
في السنوات الأخيرة مرّت بلدية حيفا بعدة قلاقل سياسية وإدارية، على وقع العلاقة المتوترة بين رئيسة البلدية والمجلس البلديّ حيفا. في حال كانت قد تمت المصادقة على التعيين، كان ليصبح بيادسة المدير العام الثالث للبلدية في السنتين الأخيرتين.
منذ أحداث يوم الغفران في عكا في العام 2008، اتضح أن المستوطنين قد استهدفوا المدن المختلطة كأحد مواقع الضعف في
حركة المقاطعة الدولية تشن حملة ضد الفنانة وتتهمها بالتطبيع شنت حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل حملة إعلامية شرسة ضد الفنانة التونسية
بعد أسابيع من اعتقاله سرًا: الإفراج عن النائب الأردني عماد العدوان وتسليمه للأردن حيث سيمثل أمام العدالة