كيف يتأثر المجتمع العربي من الانتخابات المبكرة

يحمل تبكير الانتخابات تداعيات على المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل، وعلى الشعب الفلسطيني بالعموم. قرار رئيس الحكومة نفتالي بينيت ورئيس الحكومة البديل يائير لابيد بفضّ الكنيست، ونقل رئاسة الحكومة الى لابيد، يجد المجتمع العربيّ غير جاهز للانتخابات.

في المعارك الانتخابية الأربع الأخيرة فهم الناخبون العرب قوتهم. وحينما نافست قائمتا المشتركة والموّحدة في قائمة مشتركة خرج قرابة 65% من الناخبين العرب للادلاء بأصواتهم. في الانتخابات الأخيرة، وعقب انقسام الناخبين العرب، عاقبوا الأحزاب وفقط 43% خرجوا للتصويت. استطلاعات الرأي والأبحاث التي تُنشر في الأسابيع الأخيرة تشير الى أن النسبة في الانتخابات المقبلة ستكون شبيهة. وفي حال كانت النسبة أدنى يتوقع أن يخفض أيضًا التمثيل العربي في الكنيست المقبلة.

عند التصويت على حلّ الكنيست يوم الأربعاء المنصرم، شوهد النواب العرب يتجولون بين الهيئة العامة والمقصف في الكنيست، معظمهم لم تطأ أقدامهم في مكاتبهم خلال النهار. بعضهم شوهد مع وجوه عابسة متخوّفين على مستقبلهم السياسي.

أسبوع حاسم

قرار الائتلاف والمعارضة بتأجيل استمرار التصويت على فضّ الكنيست للأسبوع المقبل قد يمنح الطرفين فرصة للاستعداد وترتيب الأوراق. نتنياهو نيتظر عودة وزيرة الداخلية اييلت شاكيد بغرض المحاولة واقناعها على الانضمام اليه وانشاء حكومة يمين متطرف سوية. في الوقت الراهن يعرف أنه لا يستطيع الاعتماد على أصوات ست أعضاء القائمة المشتركة في دعمه لتولي رئاسة الحكومة والتفوضي لتشكيل حكومة جديدة. شاكيد حاليا تلتزم الصمت وتستمتع بالضيافة المغربية.

وجد نواب المشتركة أنفسهم محط الأنظار مُغازلين هذا الأسبوع. جسّ رجال لابيد نبضهم إزاء التصويت على مشاريع القوانين القادمة. اذ أن الكنيست واللجان ستواصل الاجتماع حتى عقد الانتخابات. وقد قدم عضو الكنيست أحمد الطيبي جاهزًا هذا الأسبوع مع قائمة مطالب. ستة أعضاء المشتركة باتوا الآن بضاعة ساخنة. لحين تنظيم الانتخابات، سيحاول الائتلاف الاستعانة بهم لأجل تمرير ميزانيات في لجنة المالية وحتى بدعم بعض مشاريع القوانين التي تطرح للتصويت في الهيئة العامة.

سن قانونيّ المتهم والعلم

رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عبّاس ليس على عجلة من أمره ليقطع علاقته بنتنياهو. بعد تصريحه بأنه لا ينفي احتمال الانضمام لحكومة برئاسة نتنياهو مستقبلًا، صار يُصدر رسائل مزدوجة إزاء تصويت كتلته على القانون الذي يهدف لمنع متهم بالجنائيات من الترشح على رئاسة الحكومة. يحاول عباس ورفاقه أن يلمحوا الى نتنياهو أنهم سيكونون على أهبة الاستعداد للانضمام لحكومة مستقبلية. وحتى إعلان نتنياهو بأنه لن يستعين بهم لتشكيل حكومة لا يحبطهم. يتركون الباب مفتوحًا على كافة الاحتمالات.

يامل المشتركة والموحدة أن يمنع حلّ الكنيست المضي قدمًا بسن قانون منع رفع العلم الفلسطيني. في اليمين سيسعون لتمرير هذا القانون في الأسابيع القريبة بهدف إحراج أعضاء الائتلاف من رجال لابيد.

ميزانية الدولة

الخسارة الأكبر للمجتمع العربي نتيجة تبكير الانتخابات هي عدم تمرير الميزانيات التي من شأنها أن تموّل قرار الحكومة رقم 550 الذي اتخذ في تشرين الأول الماضي. في عام 2022 كان يفترض أن تحصل الوزارات على 5,5 مليار شيكل لتطوير بنى تحتية في البلدات العربية. حتى الآن تم تحويل أموال فقط لوزارة الإسكان والاعمار، الرفاه الاجتماعي، جودة البيئة وللمناطق الصناعية. بقية الأموال عالقة في قسم الميزانيات.

في آخر أسبوعين يسعى وزير المالية أفيغدور ليبرمان الى تمرير طلبات من المالية الى لجنة المالية. ينتظر رؤساء السلطات المحلية منذ أكثر من سنة لميزانيات تهدف لشق شوارع، بناء وتخطيط مناطق صناعية، تطوير الخدمات الصحية، التربية والتعليم، والرياضة، وباتوا يشعرون بالضغط. فهم ايضًا سيخوضون معركات انتخابية بعد سنة ونصف. ليبرمان يعاقب مازن غنايم وغيداء ريناوي – زعبي قبل تفكيك الحكومة، ويعاقب الى جانبهم قرابة خُمس من سكان الدولة. هذا الأسبوع سيكون أسبوعًا مصيريًا. في حال لم تحوّل طلبات تحويل الأموال الى لجنة المالية، ستعلق وتجمد معظم المشاريع المخططة لحين الموافقة على الميزانية.

مستقبل النواب السياسي

مع فضّ الكنيست، يمكن الحسم بأن مستقبل بعض النواب العرب على المستوى السياسي قد بلغ خط النهاية. سبق وأعلن النواب مازن غنايم وغيداء ريناوي – زعبي أنهم سيستقيلون من الكنيست ولن يترشحوا من جديد. يحاول غنايم الابتعاد عن زملائه للكتلة، وريناوي – زعبي وجدت نفسها تحت انتقادات واسعة من قبل زملائها العرب في كتلة ميرتس.

القائمة المشتركة

يوجد توتر كبير في القائمة المشتركة عقب استطلاعات الرأي التي تعطيها ستة مقاعد برلمانية فقط في الانتخابات المقبلة. ثلاثة أحزاب القائمة – الجبهة، التجمع، والعربية للتغيير، خرجت مخذولة ومحبطة من الانتخابات السابقة. لخصت الجبهة الانتخابات الأخيرة كفشل صارخ بحصولهم على ثلاثة مقاعد فحسب. إذ أن الجبهة كانت قد حصدت خمسة مقاعد عند تشكيل القائمة المشتركة في 2015.

وقد حُمل رئيس القائمة أيمن عودة مسؤولية الفشل. لم يقبل تحمل المسؤولية على نفسه، ومنذ الانتخابات لا يفوّت عودة أي من المناسبات الاجتماعيّة لأعضاء مجلس الجبهة الـ500، الذين ينتخبون المرشحين للكنيست. يخشى عوة أن ينافسه النائب السابق د. يوسف جبارين على مقعده الأول. وترجّح مصادر في الجبهة أن يخسر جبارين المنافسة مع عودة، لكن أن ينتصر على النائبة عايدة توما – سليمان، المراة الوحيدة المتبقية في قائمة المشتركة. جبارين يجس النبض لكنه لا يستعجل الإعلان عن نيّته الترشح.

بهدف تحصيل سبعة مقاعد يحاول عودة تجنيد أصوات في النقب. وقد زار مطلع الأسبوع رجل الأعمال إبراهيم النصاصرة، ما أحدث ضجة كبيرة في صفوف الناشطين ورؤساء المجالس المحلية الطامحين للانضمام الى القائمة المشتركة. لا تملك أي من ثلاثة أحزاب المشتركة فرعًا ناشطًا في رهط – التي تعتبر ثالث أكبر مدينة عربية.

يخشى أعضاء العربية للتغيير برئاسة د. أحمد الطيبي أن تطالب الجبهة بدفع عضو الكنيست المتميّز أسامة السعدي الى مقعد متأخر أكثر بهدف ادخال مرشح من النقب الى الكنيست. وقد أوضح مقربو الطيبي أنه في حال عملت الجبهة على هذا الخط، لن يتوانوا بتفكيك القائمة المشتركة.

في الجبهة يدعون أن التجمع – برئاسة د. سامي أبو شحادة لم يجلب ما يكفي من الأصوات في الانتخابات السابقة. وهو الآخر يتلقى تلميحات من الجبهة أنهم يتوقعون منه التراجع الى مقعد متأخر أكثر. في التجمع يستعدون لاجراء انتخابات تمهيدية في الحزب وسيضطر أبو شحادة للحصول على دعم حزبه.

في القائمة الموّحدة يتابعون التطوّرات في القائمة المشتركة عن كثب، آملين ان تتفكك.

القائمة الموّحدة

ينوي مازن غنايم المنافسة على رئاسة بلدية سخنين، المنصب الذي كان يشغله حتى قبل الانتخابات السابقة. لكن انسحاب غنايم والمعاملة التي تلقاها من منصور عباس، ستكون ذات تداعيات على مستقبل الموّحدة السياسي. حصلت الموّحدة على دعم أكثر من 10 آلاف صوت في الجليل بفضل غنايم. مع انسحابه ليس من المؤكد أن يتوجه الناخبون لاعطاء صوتهم للموحدة في الانتخابات المقبلة، كما أن هناك امتعاض وخذلان من تصرف الموّحدة في النقب، بعد رحيل النائب السابق سعيد الخرومي – رحمه الله. وعد النائب عباس المجتمع النقباوي بمعالجة مشاكلهم، لكنه اختفى عنهم في الأشهر الأخيرة. وبعدما دخلت النائبة ايمان خطيب – ياسين بدلًا من الخرومي للكنيست، بقي نائب رئيس بلدية رهط – عطاب أبو مديغم خارج أروقة الكنيست.

استمرار هدم البيوت في النقب وانشاء بلدات يهودية جديدة بمبادرة شاكيد، دبت الإحباط الشديد في صفوف أهالي النقب، الذي قدموا للموحدة قرابة 50 ألف صوت في الانتخابات الأخيرة. انخفاض نسبة التصويت في النقب وخيبة أمل الجيل والنقب من الموحدة قد تعرض أربعة مقاعدها للخطر. رغم الوضع الصعب ميدانيًا، تتنبأ معظم استطلاعات الرأي بان تجتاز الموحدة نسبة الحسم والدخول للكنيست بأربعة مقاعد.

ميرتس وحزب العمل

وضع ميرتس سيء جدًا، اذ تتنبأ استطلاعات الرأي أن لا تتمكن من اجتياز نسبة الحسم. ثلاثة منتخبيها العرب – الوزير عيساوي فريج، وعضوا الكنيست علي صلالحة وغيداء ريناوي – زعبي، لم يخفوا العداء فيما بينهم على مر السنة الماضية. يتهم فريج وصلالحة رئيس الحزب الوزير نيتسان هوروفيتس باستيراد ريناوي – زعبي الفاشل. وحتى قبل التمرد الذي أعلنته، كانوا قد ادعوا أنها لم تحصد أي أصوات لميرتس في الانتخابات.

المنافسة على المقاعد الأربع الأولى في ميرتس ستكون شديدة. قد يدفع عدد من النواب جابي لاسكي، موسي راز أو حتى ميخال روزين الثمن لأجل مراضاة أحد المرشحين العرب. خلال السنة الأخيرة استثمرت ميرتس موارد قليلة في المجتمع العربي، لذلك يتوقع أن تحصد عدد أصوات منخفض بالانتخابات.

أما حزب العمل، فإن رئيسة الحزب جلبت في الانتخابات الأخيرة المخرجة ابتسام مراعنة كأمر منزل على الأعضاء العرب. وما كان من أعضاء الحزب العرب الا أن هجروا حزب العمل ولم يعملوا على تجنيد الأصوات للحزب في الانتخابات الأخيرة. مراعنة تعتبر فشلا برلمانيا مدويًا، لكنها خدمت الزعيمة ميخائيلي بشكل جيد. يبدو أن المقاعد السبع شبه المضمونة لحزب العمل لا يدفعه للبحث عن أصوات جديدة في المجتمع العربي. ميخائيلي وزملائها زاروا عدد ليس بقليل من البلدات العربية ولكنهم لم ينجحوا بارجاع الناشطين العرب الى صفوف الحزب.

النواب العرب الدروز

يشعر النواب العرب الدروز الذين انتخبوا في قوائم الليكود، يسرائيل بيتينو وكاحول – لافان بأن مقعدهم في الكنيست المقبلة مضمون. فطين مُلا سيترشح في الليكود، حمد عمار سيتغلغل في قائمة يسرائيل بيتينو، ومُفيد مرعي سيبقى وفيًا لزعيم كاحول – لافان. ثلاثتهم يعتبرون مقربين من زعماء أحزابهم وغالب الحظوظ أن يحافظوا على مقاعدهم في الكنيست، وينجحوا بتجنيد أصوات من المجتمع العربي الدرزي للأحزاب الثلاثة.