Search
Close this search box.

الانتخابات على الباب وعاد المدللون يسألون: ماذا فعل نوابنا؟

لقد عرفت مشاركاتنا في الحياة السياسية في البلاد لحظات بلغنا فيها قمة النشاط، ولحظات أخرى غصنا فيها الى قعر الإحباط.

كلما انطلقت حملة انتخابية برلمانية في البلاد، كلما ظهرت فئة “المدللين” من بيننا، أولئك الذين يتساءلون امامك بصوت مرتفع: “ما الذي فعله لنا نوابنا العرب في الكنيست؟”.

أنا لا اتحدث هنا عن فئة المتابعين للشأن السياسي في البلاد، ولا عن أولئك الذين ينتمون الى تيارات سياسية مختلفة بما فيها تيار المقاطعة، فهؤلاء أصحاب قناعات احترمها لأنها قائمة على مواقف سياسية.

انما اتحدث عن تلك الفئة من الناس الخاملين سياسيا، أولئك الذين لا يهتمون بالسياسة طوال السنين، ولا يجدون فرصة “الدلال” إلا حين تتوجه إليهم في الحملة الانتخابية… أولئك الذين يتساءلون عما فعل نوابنا العرب في الكنيست وهم لا يعرفون أصلا كم عدد نوابنا وإلى أي الأحزاب ينتمون.. أولئك الذين لم يخرجوا يوما في مظاهرة أو وقفة احتجاج.. أولئك الذين لم يوقعوا في حياتهم على عريضة بمطلب سياسي او اجتماعي لمجتمعهم.. أولئك الذين لا يجيدون الانصات الى النشرة الإخبارية، وإن انصتوا فلن يتعرفوا على ابطال الحكاية السياسية في النشرة.. أولئك يسألونك: ما الذي فعله لنا نوابنا العرب، ثم يستديرون الى الناحية الأخرى ويواصلون شخيرهم الابدي..

هؤلاء هم نقطة الارتكاز التي تعتمد عليها السلطة في احباط مجتمعنا العربي حيال نوابنا. قد يكون الواحد منهم أكاديميا مرموقا، وقد يكون ذا مكانة اجتماعية رفيعة وقد يكون رجل اعمال ناجح.. ولكن القاسم المشترك بينهم هو عدم الانتباه او الاهتمام بما يجري على الساحة السياسة، بل إنهم منخرطون في مزاولة أعمالهم اليومية بعيدًا عن أي نشاط عام، لدرجة انهم يغفلون أحداثًا هامة تتصدر الأخبار والأحداث من حولهم، فلا يعيرونها أي اهتمام، فهم لا يعرفون من هو رئيس الحكومة ولا من هو وزير الخارجية، ولعلّ أقصى معرفتهم في شؤون السياسة لا يتعدى إدارة السلطة المحلية في بلدهم. فنراهم لا يمتنعون عن دفع الضرائب التي تطالبهم فيها الحكومة وكل همهم شتم رئيس السلطة المحلية والنواب على “تقصيرهم”.

لقد عرفت مشاركاتنا في الحياة السياسية في البلاد لحظات بلغنا فيها قمة النشاط، ولحظات أخرى غصنا فيها الى قعر الإحباط. ولكن المشترك بين الحالتين أن فئة اللامباليين البعيدين عن المشاركة في أي حراك سياسي، كانت غائبة في كلا الحالتين.. كانت غائبة حين تضاءل عدد المقاطعين وبلغت نسبة التصويت أوجها 65% وحصلنا عندها على 15 مقعدًا برلمانيا، كما كانت غائبة أيضًا عند ازدياد عدد المقاطعين، حين هبطت نسبة التصويت الى 45%.

خلاصة القول أنه لا يمكن ولا يجوز الاستخفاف بما يدور في أروقة الكنيست من “معارك سياسية يومية”، فإن لم تكن مهتمًا بالإنجازات ولا تميزها، فعلى الأقل تستطيع ان تلحظ الإخفاقات وأن تلمسها، خاصة إذا سمعت باقتحامات الأقصى أو باغتيال شيرين أبو عاقلة أو بمنع لم شمل العائلات من جانبي الخط الأخضر.. أو إنه أضيف لمعاش والدتك 500 شيكل منذ أشهر ولم تتساءل عندها من أين جاءت هذه الإضافة. 

هؤلاء ينخرطون فيما يعرف بتيار الأسرلة من حيث لا يدرون والأسرلة لا تعني بالضرورة التخاذل.. وهي لا تعني أبدًا الخيانة، ولكنها تعني بالتأكيد اختلافًا في ترتيب الأولويات بحيث يتم التركيز على المصلحة الشخصية والتخلي عن المصلحة العامة، واستبدال المطلب القومي العام بمطلب مدني رغم أن المطلب القومي يشمل تحقيق المطلب المدني.. فعلى سبيل المثال يتخلون عن مطلب إقامة الدولة الفلسطينية ويصرون على مطلب تفريغ حاوية القمامة من امام البيت، او يتنازلون عن مطلب المساواة ويرفعون بدلًا عنه مطلب تعبيد الشارع المؤدي الى البيت، ولا عن أولئك الذين ينتمون الى تيارات سياسية مختلفة بما فيها تيار المقاطعة، فهؤلاء أصحاب قناعات يمكن مناقشتها لأنها قائمة على مواقف سياسية.

ISRAEL WEATHER
Conference
יום עיון בחיפה