تواجه عائلة الشهيد محمد العصيبي رواية الشرطة الكاذبة لاغتيال ابنها في البلدة القديمة في القدس مساء الجمعة، والتي يبثها متحدثو الشرطة ووسائل الاعلام الإسرائيلية، في محاولة لتضليل حقيقة إعدام ابنها بدم بارد.
وكان قد تعرض الشاب الدكتور محمد العصيبي (26 عامًا)، ابن بلدة حورة في النقب، مساء الجمعة 31.3.2023 لاطلاق نار من قبل قوات الاحتلال في البلدة القديمة في القدس، بعد أن حاول مساعدة شابة مقدسية تعرضت لهجوم وحشي من قبل جنود الاحتلال اثر خروجه من أداء الصلوات في المسجد الأقصى بالجمعة الثانية من شهر رمضان الكريم، ما يصعّد التوترات بالمنطقة.
وكان د. العصيبي قد أنهى دراسة الطب منذ فترة وجيزة وأطلق مسيرته المهنية في مجال الطب، ببلدته حورة في النقب التي تعاني من نقص شديد في المرافق الحيوية، والتي تعاني من أحد أدنى مستويات التعليم في البلاد. ورغم المشاق التي يواجهها المجتمع العربي في النقب، فإن شبان كد. العصيبي مصرون على العلم دربًا للتقدم والارتقاء بمجتمعهم وبلدتهم.
وقد فنّد التشريح الطبيّ لجثمان الشهيد العصيبي رواية الشرطة التي زعمت إن الشهيد العصيبي قُتل بعد أن حاول سرقة سلاح من جندي إسرائيلي، وأشار د. نواش العصيبي مندوب العائلة أن الجثمان الشهيد قد تعرض لعشرة طلقات في الجسد وطلقتين ناريتين في اليد، دون وجود أي دليل على امساكه سلاح بيده.
وأشار شهود عيان الى أن قوات الشرطة قامت بإغلاق ساحة الجريمة ومنعت الصحافة من الاقتراب، ورفضت اصدار توثيق الجريمة من كاميرات المراقبة المنتشرة بكثرة في المكان، خصوصًا أن البلدة القديمة وأبواب المسجد الأقصى تحت رقابة كاميرات متطورة تعمل على مدار الساعة، وهناك 4 كاميرات في المنطقة التي قتل فيها الجنود العصيبي، بالإضافة إلى كاميرات الجسد التي يحملها عناصر حرس الحدود، مما يثبت كذب رواية الشرطة.
وكان قد توّجه مركز مساواة والنائب يوسف العطاونة نيابة عن العائلة بطلب إلى مدير وحدة التحقيق مع رجال الشرطة – ماحش في الجنوب والمحققة المسؤولة عن متابعة ملف اغتيال الشهيد محمد العصيبي، بهدف ضمان مشاركة د. نواش العصيبي في تشريح الجثمان في معهد الطب الشرعي أبو كبير لاجراء التوثيق المطلوب قبل تسليم الجثمان لعائلة الشهيد.
وأكد مركز مساواة أن “الشرطة تتلاعب بمواد التحقيق وتقوم بتشويش التحقيقات التي تجريها وحدة التحقيق مع رجال الشرطة – ماحاش. بعض شهادات رجال الشرطة نُشرت قبل أن يتم فحصها وتعاينها وحدة التحقيق ماحاش. الآن ينشرون معطيات كاذبة من التشريح الذي لم ينتهِ وقبل أن يسلم تقرير الطب الشرعي للعائلة أو للمحققين”.
وقد تبع استشهاد د. العصيبي الشاب (26 عامًا) خطوات احتجاجية دعت اليها لجنة المتابعة للجماهير العربية في إسرائيل، فقد نظمت وقفات احتجاجية يوم أمس الأحد في كافة القرى والمدن العربية، وأعلن يوم الأحد اضراب شامل شمل المدارس والمرافق التربوية والأهلية.
وطالب النائب العطاونة يطالب بلجنة تحقيق حيادية في جريمة اغتيال الشهيد د. محمد العصيبي، ودان النائب عن الجبهة والعربية للتغيير بشدّة جريمة اغتيال الشاب العصيبي، رغم أن التاريخ أثبت عدم حياد لجان تحقيق كهذه. وقال العطاونة، إن شهيد القدس والأقصى د. محمد العصيبي، أنهى للتو امتحانات الطب، ولا أساس لمزاعم الاحتلال بأنه حاول خطف سلاح جندي احتلال، بل حاول مساعدة شابة كانت تتعرض لاعتداء وحشي من الجنود، فقامت قوات الاحتلال باغتياله.
وأضاف العطاونة، إن “طريقة مقتل العصيبي اليوم تذكّرنا بجريمة قتل الشهيد المربي يعقوب ابو القيعان وحملة التحريض العنصرية الممنهجة التي شنّت ضده في حينه بوصفه ينتمي لحركة داعش، والآن الآن يتهمون الدكتور الشاب العصيبي بمحاولة الاعتداء على أحد عناصر الاحتلال، وخطف سلاحه وهذا أيضا محض كذب وافتراء”.
كما طالبت منظمة العفو الدولية بفتح تحقيق مستقل بجريمة قتل العصيبي، مؤكدة أنها لا تثق بالرواية التي نشرتها الشرطة وتعتقد أنه تم استخدام القوة القاتلة بسبق الإصرار ودون الحاجة لذلك. وأكدت المنظمة أن التحقيق يجب أن يتولاه جسم مستقل وذو مصداقية وليس قسم التحقيق مع رجال الشرطة (ماحاش) المعروف بإغلاق الملفات ومنح حصانة لعناصر الأمن مرتكبي الجرائم، لا سيما ضد الفلسطينيين.
وتأتي عملية الاغتيال بدم بارد بعد أقل من أسبوع على مقتل عمر غالب سواعد (22 عامًا) بنيران الشرطة الإسرائيلية. وهذه الحالة تذكر بسهولة الضغط على الزناد حينما يكون الضحية فلسطينيًا، وبجرائم فظيعة أخرى ارتكبتها أجهزة الأمن الإسرائيلية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، كاغتيال المربي يعقوب أبو القيعان من قرية أم الحيران الذي زعمت الشرطة إنه إرهابي انضم لتنظيم “داعش” وحاول تنفيذ عملية ضد عناصرها الذين أتوا بجحافلهم وبلدوزراتهم فجرًا لهدم منزله، ليتبين لاحقًا كذب رواية الشرطة واعتدائها الوحشي على القرية مسلوبة الاعتراف في النقب. كما تذكر بقتل الشاب اياد الحلاق في القدس الشرقية بدم بارد بزعمهم محاولته تنفيذ عملية، علمًا أن الشرطة زعمت عدم وجود أي توثيق لجريمتهم التي استهدفت شاب أعزل من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد قتلت قوات الأمن الإسرائيلية أكثر من 80 فلسطينيًا منذ مطلع السنة الحالية.
