“في كل عام، يلتحق نحو 70,000 طالب عربي بمؤسسات التعليم العالي — حوالي 50,000–58,000 في إسرائيل، و10,000–20,000 آخرين في الخارج.”
تحدثنا مع البروفيسور محمد أمارة، رئيس كلية القاسمي — إحدى أبرز المؤسسات الأكاديمية في منطقة المثلث العربي، الواقعة على الخط الأخضر في باقة الغربية — حول التحديات التي تواجه التعليم في المجتمع العربي. إليكم ما قاله:
“المجتمع العربي في إسرائيل يعيش وضعًا فريدًا: من جهة — نمو سريع في عدد الطلاب، وتطور مهني، وتنقل عالمي؛ ومن جهة أخرى — نقص منهجي في التمويل، وتمييز، وحواجز بيروقراطية.”
ويشرح أن الواقع الحالي للمجتمع العربي يتكوّن من أربع “دوائر” متداخلة، لكل منها تأثير مباشر على تطور التعليم:
1. المجتمع العربي نفسه:
“من جهة، المجتمع العربي يحقق تقدمًا مذهلاً في جميع المجالات. لدينا أسماء وقادة في مجالات متعددة التخصصات. ومن جهة أخرى، تركز وسائل الإعلام فقط على العنف والجريمة في المجتمع العربي. لكن الحقيقة أن هذا المجتمع متنوع للغاية، ومعقد جدًا، وبعيد عن أن يكون متجانسًا.”
2. المجتمع الإسرائيلي ككل:
“المجتمع الإسرائيلي يمر الآن باضطرابات — وهذا يؤثر على الجميع: العرب، اليهود، الأشكناز، الحريديم… هذه دائرة لا بد أن نتعامل معها. نحن كمعلمين لا يمكن أن نتجاهلها.”
3. السياق العالمي:
“نحن مواطنو العالم. ما معنى ذلك؟ يعني أن عليّ أن أزوّد خرّيجي بالمعرفة والمهارات التي تمكّنه من التنقل في واقع اليوم، وأن يكون فعلاً مواطنًا عالميًا.”
4. الذكاء الاصطناعي:
“هذا تحدٍّ نشعر به جميعًا. محاضرونا لا يعرفون بعد كيف يتعاملون معه. نحن، مثل بقية العالم، نتعلم أثناء العمل. نحن نُدرج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية.”
حاجز اللغة كشكل خفي من الإقصاء:
“الطفل العربي يأتي إلى المدرسة، ويتعلم العبرية بصعوبة، ثم يدخل الكلية أو الجامعة — ليُطلب منه اجتياز امتحان يعيل لإتقان العبرية… ويفشل.”
هذا الحاجز اللغوي يُقصي الشباب العرب من التعليم العالي على نحو بنيوي. تموّل كلية القاسمي دورات لغة عبرية من ميزانيتها الخاصة، لكن ذلك غير كافٍ. وبدون دعم من الدولة، يبقى الكثير من الشباب خارج المنظومة.
التوظيف وهجرة الكفاءات:
“عشرة آلاف طالب يدرسون في جنين، نابلس، الأردن… وهناك العديد من الطلاب الذين يتحدثون القليل من العبرية، القليل من الإنجليزية، والعربية. يعملون في رام الله، نابلس، عمّان… هناك على الأقل ألف شاب يعملون الآن في دول الخليج — الإمارات، قطر.”
وهكذا، يغادر عدد كبير من الشباب البلاد بحثًا عن التعليم والعمل. أما داخل إسرائيل، فكثيرًا ما يواجهون نقصًا في الفرص، خاصة في قطاع التعليم.
“مجلس التعليم العالي يتدخل في عمل الكليات بشكل غير مقبول. إنه يخنقنا. ليلًا ونهارًا نُطالب بإعداد تقارير لا تنتهي. نحن لسنا جامعات، لكن التوقعات — خصوصًا في مجال البحث — هي نفسها، دون ميزانية تناسب ذلك.”
يرى البروفيسور أمارة أن هناك خللًا جوهريًا في المنظومة: عدم التناسب بين التوقعات والموارد. الكليات العربية تعاني من بيروقراطية مفرطة، وتفتقر إلى المرونة الضرورية للنمو.
“مجتمعنا يتطور. لكن هذا التطور لا يجب أن يخفي المشكلات الهيكلية. بدون حلول مستدامة — نحن نخسر جيلًا بأكمله.”
ويؤمن البروفيسور أمارة بأن مهمة كليته تتجاوز مجرد نقل المعرفة:
“مهمتنا ليست فقط التعليم. الأكاديميا عادةً تركز على مجال ضيق. لكن هذا لا يكفي. علينا أن نُعدّ خرّيجين يدركون أنهم جزء من المجتمع — مواطنون في دولتهم وفي العالم.”
تحاول كلية القاسمي تطبيق هذه الفلسفة رغم كل القيود. ولكن بدون تغيير في سياسات الدولة، وتمويل عادل، واعتراف بالتنوّع — فإن أزمة التعليم العربي ستتعمق أكثر.
بقلم: يلينا شافران، رئيسة تحرير Sowtna
وخبيرة في استراتيجيات الإعلام والتواصل الحساس للنزاعات
الصورة بعدسة الكاتبة
نُشر في مجموعة فيسبوك: Free Israel / إسرائيل الحرة / أراضي الحرية
https://www.facebook.com/share/p/16coZMHKkH/?mibextid=wwXIfr

