Search
Close this search box.

“نحن نُعلّم قادة المستقبل” – مقابلة مع البروفيسور محمد عمارة، رئيس كلية القاسمي

أُجريت هذه المقابلة في إطار جولة صحفية للصحفيين الناطقين بالروسية في إسرائيل، نظّمها مركز مساواة. وقد جرت الجولة في مدينة باقة الغربية – وهي بلدة عربية تقع مباشرة على الخط الأخضر. أما الجزء الشرقي من المدينة، باقة الشرقية، فيقع على الجانب الآخر من جدار الفصل، ضمن الأراضي الفلسطينية. خلال الزيارة، تجوّل المشاركون في كلية القاسمي – وهي مؤسسة أكاديمية فريدة من نوعها تمزج بين الجذور الإسلامية، والاستقلال الأكاديمي، والفكر التعددي. ضيفنا في هذا الحوار هو البروفيسور محمد عمارة، رئيس الكلية.

– بروفيسور عمارة، هل يمكنك أن تحدثنا عن تاريخ كلية القاسمي؟

– تأسست الكلية حتى قبل قيام دولة إسرائيل، كمؤسسة تعليمية دينية إسلامية – في البداية كمدرسة تابعة لمكتبة مسجد صوفي. كان التعليم في البداية مفصولًا بين الرجال والنساء، ويقتصر على العلوم الإسلامية، وخاصة الشريعة. اليوم، هي الكلية الوحيدة في إسرائيل التي ما تزال تدرّس العلوم الإسلامية بمستوى أكاديمي. لكن الكثير تغيّر منذ ذلك الحين. التعليم أصبح مختلطًا، ولدينا أكثر من 20 تخصصًا مختلفًا – من اللغة الإنجليزية والرياضيات إلى التربية والإدارة. الكلية معترف بها من قبل وزارة التعليم: منذ عام 1973 نصدر شهادات تدريس، ومنذ 2002 شهادات بكالوريوس (B.Ed.)، ومؤخرًا أيضًا شهادات ماجستير (M.Ed.).

– التعليم النسائي في المجتمع الإسلامي يثير كثيرًا من النقاش. كيف ترى دور كلية القاسمي في هذا السياق؟

– هذا سؤال مهم. نحن فخورون بأن كليتنا كانت من أوائل المؤسسات التي دفعت بتعليم المرأة في السياق العربي والإسلامي. اليوم، أكثر من 70% من طلابنا هم من النساء. وهذا ليس مجرد رقم – إنه تحوّل اجتماعي. نحن نشهد بروز جيل من النساء المتعلمات والواثقات بأنفسهن، القادرات على التأثير على المجتمع وتغيير العقليات والقيادة. التقاليد الصوفية التي تأسست عليها الكلية لم تعارض يومًا وصول النساء إلى المعرفة. على العكس، الروحانية في الصوفية طريق مفتوح للجميع. نحن فقط نواصل هذه التقاليد، ولكن بصيغة أكاديمية حديثة. بالنسبة لكثير من طالباتنا، تمثل القاسمي مساحة حرية ونمو، حيث يمكنهن التعلم والعمل والحلم. هذا ما أسميه إصلاحًا حقيقيًا من الداخل.

– للكلية جذور صوفية. كيف تنعكس هذه الجذور في نشاطاتكم اليوم؟

– نعم، تأسست القاسمي على يد أعضاء من الطريقة الصوفية التي تحمل نفس الاسم. وهي تيار معتدل في الإسلام يركّز على الممارسة الروحية، وفعل الخير، وتطوير الذات. الصوفية لا تتدخل في السياسة، وهذا مبدأ نلتزم به. تبرع مؤسسو الكلية بأكثر من 100 دونم لإنشاء الحرم الجامعي. لكن من المهم أن نوضح: نحن مؤسسة أكاديمية علمانية. القيادة الصوفية لا تتدخل في السياسات الأكاديمية. تدريس العلوم الإسلامية لدينا هو تدريس أكاديمي بحت، دون طابع طائفي. والمسجد في الحرم الجامعي مفتوح للجميع، بغض النظر عن انتمائهم الديني.

– ما هي القيم التي تسعون لغرسها في طلابكم؟

– أولًا وقبل كل شيء: التعددية، والمسؤولية الاجتماعية، وحب المعرفة، واحترام الآخر. يضم طاقم التدريس لدينا مسلمين ومسيحيين ويهودًا. نحن لا نُخرّج معلمين فقط، بل نُخرّج قادة أيضًا. نؤمن بأن التعليم الجيد قادر على تغيير المجتمع.

– ما هو وضع كلية القاسمي اليوم؟

– لدينا حوالي 4000 طالب وطالبة. نحن جزء من مجمع تعليمي أكبر يضم مؤسسات من رياض الأطفال وحتى كلية للهندسة التطبيقية. يدرّس لدينا أكاديميون عرب ويهود. حصلت الكلية على اعتراف بـ”الحرم الأخضر”، وتلقينا جائزة جودة من مكتب رئيس الحكومة. ومؤخرًا، تم تصنيفنا ضمن قائمة أفضل 12 مؤسسة أكاديمية في العالم من حيث الإسهام المتعدد الجوانب. لدينا مكتبة ضخمة تحتوي على أكثر من 80,000 عنوان، بالإضافة إلى متحف أثري خاص بنا.

– حدّثنا أكثر عن المتحف.

– إنه مشروع صغير لكنه مهم جدًا بالنسبة لنا. أنشأنا المتحف بالتعاون مع البلدية وسلطة الآثار الإسرائيلية. يعرض المتحف قطعًا أثرية من محيط باقة الغربية وجت، تعود إلى ما يصل إلى 3000 سنة. من بين المعروضات: جرار كنعانية كاملة عُثر عليها في الكهوف، ونسخة طبق الأصل من لوح طيني مكتوب بالخط المسماري، يشكو فيه ملك جت إلى الفرعون المصري من ملك شكيم. وكلمة “باقة” بالعربية تعني “باقة زهور” – وهو تعبير جميل يعكس نهجنا في التعليم.

– ما هي التحديات الرئيسية التي تواجهك كرئيس للمؤسسة؟

– أحد التحديات الكبرى هو حاجز اللغة. يأتي إلينا الشباب بمهارات ضعيفة في اللغة العبرية. ولكن للالتحاق بالجامعة، يجب عليهم اجتياز امتحان ياعيل. نحن نقدّم دورات عبرية إلزامية بتمويل من الكلية، لكن ذلك يتطلب دعمًا من الدولة. هناك أيضًا مشكلة كبيرة تتعلق بتدخل مفرط من مجلس التعليم العالي (מל”ג). يُطلب منا نشر أبحاث علمية كما لو كنا جامعة – دون توفير ميزانية مناسبة.

– كيف تقيّم وضع الطلاب العرب في نظام التعليم الإسرائيلي بشكل عام؟

– كل عام، يبدأ حوالي 70,000 طالب عربي دراستهم – حوالي 50–58 ألف في إسرائيل، والبقية في الخارج، في الأردن، الضفة الغربية، أو تركيا. وفي الوقت نفسه، هناك مفارقة: في القطاع العربي فائض من المعلمين، وفي القطاع اليهودي نقص – ومع ذلك، لا يتم توظيف المعلمين العرب في المدارس اليهودية تقريبًا. من بين 200,000 معلم في النظام التعليمي الإسرائيلي، هناك فقط حوالي 1,000 عربي. وهذا حاجز يجب تجاوزه.

– ذكرت أيضًا الفضاء الإعلامي كمصدر للمشكلة.

– صحيح تمامًا. منذ سنوات، تحوّلت العائلات العربية في إسرائيل إلى القنوات الفضائية: الجزيرة، سكاي نيوز عربية، المسلسلات التركية. حتى قناة RT الروسية تبث بالعربية. أما القنوات الإسرائيلية، فأصبحت غير ذات صلة للمشاهد العربي. إنها عزلة إعلامية. اليهود يشاهدون فقط بالعبرية، والعرب فقط بالعربية. ولا توجد نقطة التقاء بينهما. حاولنا إنشاء منصة تلفزيونية، وحاضنة لمحتوى الأطفال – لأن اللغة تبدأ من الطفولة. ولكن بدون دعم حكومي، فإن ذلك صعب جدًا.

– ما هي خططكم المستقبلية؟

– نخطط لفتح فروع للكلية في جنوب البلاد وفي منطقة “المثلث”. نستثمر في جودة التعليم وفي التكنولوجيا. لكن الأهم هو ألا ننسى أن خلف كل طالب هناك قصة شخصية. علينا أن نعطيهم الفرصة. التعليم هو مساهمتنا في سلام مستدام.

تصوير: Elena Rostunova

فيسبوك: https://www.facebook.com/helena.rostunova/

إنستغرام: https://www.instagram.com/erostunova/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *